فصل: فصل مشابهة حد القذف لحدود الله تعالى

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **


 كتاب حد القذف

القذف من الكبائر ويتعلق به الحد بالنص والإجماع‏.‏

ويشترط لوجوب الحد على القائف كونه مكلفاً مختاراً فلا حد على صبي ومجنون ومكره ويعزر الصبي والمجنون الذي له نوع تمييز وسواء في هذا المسلم والذمي والمعاهد فإن كان القائف حراً فحده ثمانون جلدة وإن كان رقيقاً أو مكاتباً أو مدبراً أو أم ولد أو بعضه حر فأربعون جلدة ويشترط كون المقذوف محصناً وقد سبق في كتاب اللعان بيان ما يحصل به إحصانه ولا يحد الأب والجد بقذف الولد وولد الولد وقال ابن المنذر‏:‏ يحد‏.‏

قلت‏:‏ الأم والجدات كالأب‏.‏

والله أعلم‏.‏

ومن ورث من أمه حد قذف على أبيه سقط ومن قذف شخصاً بزنيتين فالمذهب أن عليه حداً واحداً وقد سبق إيضاحه في اللعان ولو قال لرجل‏:‏ يا زانية أو لامرأة‏:‏ يا زاني فقد سبق في اللعان أنه قذف وكذا لو خاطب خنثى بأحد اللفظتين ولو قال له زنى فرجك وذكرك فقذف صريح ولو قال‏:‏ زنى فرجك أو قال‏:‏ زنى ذكرك قال صاحب البيان الذي يقتضيه المذهب أن فيه وجهين أحدهما‏:‏ قذف صريح والثاني‏:‏ كناية كما لو أضاف الزنى إلى يد رجل أو امرأة وصرائح القذف وكناياته سبقت في اللعان‏.‏

 فصل مشابهة حد القذف لحدود الله تعالى

قال الأصحاب‏:‏ حد القذف وإن كان حق آدمي ففيه مشابهة حدود الله تعالى

في مسائل‏:‏ إحداها‏:‏ لو قال له اقذفني فقذفه ففي وجوب الحد وجهان الأصح لا وقول الأكثرين‏:‏ لا يجب‏.‏

الثانية‏:‏ لو استوفى المقذوف حد القذف لم يقع الموقع كحد الزنى لو استوفاه أحد الرعية وفي وجه ضعيف يقع الموقع كما لو استقل المقتص بقتل الجاني‏.‏

الثالثة‏:‏ ينشطر بالرق كما سبق وحقوق الآدمي لا تختلف قالوا‏:‏ لكن المغلب فيه حق الآدمي لمسائل منها‏:‏ أنه لا يستوفى إلا بطلبه بالاتفاق ويسقط بعفوه ويورث عنه ولو عفا عن الحد على مال ففي صحته وجهان‏.‏

قلت‏:‏ الصحيح أنه لا يستحق المال‏.‏

والله أعلم‏.‏

فرع من التعريض في القذف أن يقول‏:‏ ما أنا بابن اسكاف ولا خباز ولو قال‏:‏ يا قواد فليس صريحاً في قذف زوجة المخاطب لكنه كنآية ولو قال‏:‏ يا مؤاجر فليس بصريح في قذف المخاطب على الصحيح الذي قاله الجمهور وقال ابن ابراهيم المروذي عن شيخه التيمي هو صريح في قذفه بالتمكين من نفسه لاعتياد الناس القذف به وقيل‏:‏ هو صريح من العامي فقط ولو رماه بحجر فقال‏:‏ من رماني فأمه زانية فإن كان يعرف الرامي فقاذف وإلا فلا‏.‏

 فصل الرمي بالزنى لا في معرض الشهادة يوجب حد القذف

فأما في معرض الشهادة فينظر إن تم العدد وثبتوا أقيم حد الزنى على المرمي ولا شيء عليهم وإن لم يتم العدد بأن شهد اثنان أو ثلاثة فهل يلزمهم حد القذف قولان أظهرهما نعم وهو نصه قديماً وجديداً لأن عمر رضي الله عنه جلد الثلاثة الذين شهدوا ولئلا تتخذ صورة الشهادة ذريعة إلى الوقيعة في أعراض الناس ولو شهد على زنى امرأة ز وجها مع ثلاثة فالزوج قاذف لأن شهادته عليها بالزنى لا تقبل وفي الثلاثة القولان ولو شهد أربع نسوة أو ذميون أو عبيد أو فيهم امرأة أو عبد أو ذمي فالمذهب أنهم قذفة فيحدون لأنهم ليسوا من أهل الشهادة فلم يقصدوا إلا العار وقيل‏:‏ فيهم القولان وصور الإمام المسألة فيما إذا كانوا في ظاهر الحال بصفة الشهود ثم بانوا عبيدا أو كفارا ومراده أن القاضي إذا علم حالهم لا يصغي إليهم فيكون قولهم قذفاً محضاً لا في معرض شهادة ولو شهد أربعة فساق أو فيهم فاسق نظر إن كان فسقهم مقطوعا به كالزنى والشرب فقيل‏:‏ فيهم القولان وقيل‏:‏ لا يحدون قطعاً وهو الأصح عند القاضي أبي حامد لأن نقص العدد متيقن وفسقهم إنما يعرف بالظن والحد يسقط بالشبهة وإن كان فسقهم مجتهدا فيه كشرب النبيذ لم يحدوا قطعاً وفي معنى الفسق المجتهد فيه ما إذا كان فيهم عدو للمشهود عليه لأن رد الشهادة بالعداوة مجتهد فيه ولو حددنا العبيد الذين شهدوا فعتقوا وأعادوا الشهادة قبلت ولو لم يتم العدد فحددنا من شهد ثم عاد من يتم به العدد فشهدوا لم تقبل شهادتهم كالفاسق ترد شهادته ثم يتوب ويعيدها لا تقبل وهذا الخلاف المذكور هو فيمن شهد في مجلس القاضي أما من شهد في غير مجلسه فقاذف بلا خلاف وإن كان يلفظ الشهادة‏.‏

فرع لو شهد أربعة بالشروط المعتبرة ثم رجعوا لزمهم حد القذف لأنهم ألحقوا به العار سواء تعمدوا أو أخطؤوا لأنهم فرطوا في ترك التثبت وقيل في حدهم القولان لأنهم شهود والمذهب الأول ولو رجع بعضهم فعلى الراجح الحد على المذهب وقيل‏:‏ بالقولين وأما من أصر على الشهادة فلا حد عليه وقيل بالقولين والمذهب الأول وسواء الرجوع بعد حكم القاضي بالشهادة وقبله ولو شهد أكثر من أربعة فرجع بعضهم إن بقي أربعة فلا حد على الراجعين وإلا فعلى الراجعين الحد‏.‏

فرع شهد واحد على إقراره بالزنى ولم يتم العدد فطريقان أحدهما‏:‏ في وجوب حد القذف عليه القولان والمذهب القطع بأن لا حد لأنه لا حد على من قال لغيره‏:‏ أقررت بأنك زنيت وإن ذكره في معرض القذف والتعيير‏.‏

فرع تقاذف شخصان لا يتقاصان لأن التقاص إنما يكون عند اتفاق الجنس والصفة وقد سبق معظم مسائل الكتاب في كتاب اللعان‏.‏

وبالله التوفيق‏.‏

 كتاب السرقة

هي موجبة للقطع بالنص والإجماع وفيه ثلاثة أبواب‏:‏

 الباب الأول وفيه ثلاثة أركان

 الركن الأول المسروق

وله ستة شروط الشرط الأول أن يكون نصاباً وهو ربع دينار من الذهب الخالص فلا قطع فيما دونه ويقطع بربع دينار قراضة بلا خلاف ولو سرق ديناراً مغشوشا فإن بلغ خالصه ربعاً قطع وإلا فلا ولو سرق دراهم أو غيرها قوم بالذهب وحكي أن ابن بنت الشافعي رحمهما الله اختار مذهب داود وهو أنه يجب القطع بسرقة القليل ولا يعتبر نصاب‏.‏

قلت‏:‏ هذا غلط مخالف للأحاديث الصحيحة الصريحة في اعتبار ربع دينار‏.‏

والله أعلم‏.‏

والاعتبار بالذهب المضروب فبه يقع التقويم حتى لو سرق شيئاً يساوي ربع مثقال من غير المضروب كالسبيكة وحلي لا تبلغ ربعاً مضروباً بالقيمة فلا قطع على الأصح وبه قال الاصطخري وأبو علي ابن أبي هريرة والطبري وصححه الإمام وغيره وجزم به العبادي ولو سرق خاتماً وزنه دون ربع وقيمته بالصنعة تبلغ ربعا فلا قطع على الصحيح والخلاف في المسألتين راجع إلى أن الاعتبار بالوزن أو بالقيمة وأما التبر الذي إذا خلص نقص فلا قطع في سرقة ربع منه بل يشترط أن يخلص منه رحع ولا سرق فلوساً ظنها دنانير قطع إن بلغت قيمتها نصاباً وإلا فلا ولو سرق دنانير ظنها فلوسا لا تبلغ قيمتها نصاباً قطع ولو سرق ثوباً خسيساً وفي جيبه ربع دينار أو ما تبلغ قيمته نصاباً ولم يعلم بالحال وجب القطع على الأصح لأنه أخرج نصاباً من حرزه بقصد السرقة‏.‏

فرع لو أخرج نصاباً من حرز دفعتين فصاعدا نظر إن تخلل اطلاع المالك وإعادته الحرز بإصلاح النقب أو إغلاق الباب فالإخراج الثاني سرقة أخرى فإن كان المخرج في كل دفعة دون النصاب لم يجب القطع وإن لم يتخلل الاطلاع والإعادة ففيه أوجه أصحها يجب القطع والثاني‏:‏ لا والثالث‏:‏ إن عاد وسرق ثانياً بعد ما اشتهر خراب الحرز وعلم به الناس أو المالك فلا قطع وإن عاد قبله قطع والرابع‏:‏ إن عاد تلك الليلة قطع وإن عاد في ليلة أخرى فلا والخامس‏:‏ إن لم يطل الفصل بين الإخراجين قطع وإن طال فلا والسادس إن كان يخرج شيئاً فشيئاً ويضعه خارج البيت أو خارج الباب حتى تم نصابا ولم يفارق الحرز قطع وإن ذهب بالمسروق أولاً إلى بيته ونحوه مسرعا وعاد ولو مع قرب الفصل فلا قطع‏.‏

انثيال الحنطة ونحوها عند فتح أسفل وعائه أو نحوه هل هو باليد وجهان أحدهما لا لأنه خرج بسبب لا مباشرة والسبب ضعيف فلا يقطع به وأصحهما‏:‏ نعم لأنه بفعله هتك الحرز فعلى هذا لو أخرج بيده أو انثال دفعة ما يساوي نصابا قطع وإن أخرجه شيئاً فشيئاً على التواصل أو انثال كذلك قطع على المذهب وقيل‏:‏ وجهان‏:‏ ولو طر جيبه أو كمه فسقطت الدراهم شيئاً فشيئاً فكانثيال الحبوب ولو أخذ طرف منديل أو جذع وأخرجه من الحرز جرا قطع لأنه شيء واحد ولو أخرج نصفه وترك النصف الآخر في الحرز لخوف أو غيره فلا قطع وإن كان حصة المخرج أكثر من نصاب لأنه مال واحد ولم يتم إخراجه‏.‏

فرع لو جمع من البذر المبثوث في الأرض ما بلغ نصاباً فإن لم تكن الأرض محرزة فلا قطع وإن كانت فوجهان أصحهما‏:‏ يقطع لأن الأرض تعد بقعة واحدة والبذر المفرق فيها كأمتعة في زوايا بيت وسيأتي إن شاء الله تعالى بيان إحراز الأرض‏.‏

فرع لو أخرج اثنان من حرز نصاباً أو أكثر ولم يبلغ نصابين فلا قطع عليهما وإن أخرجا ما يبلغ نصابين قطعاً جميعاً وإن انفرد كل واحد بإخراج قطع من بلغ ما أخرجه نصابا دون من لم يبلغ ما أخرجه فرع قال الإمام إذا كان المسروق عرضا تبلغ قيمته بالاجتهاد ربع دينار فقد يوجد للأصحاب أنه يجب الحد والذي أرى الجزم به أنه لا يجب ما لم يقطع المقومون ببلوغها نصابا وللمقومين قطع واجتهاد والقطع من جماعة لا يزلون معتبر ومن جماعة لا يبعد الزلل منهم فيه احتمالان أحدهما‏:‏ يكفي كما تقبل الشهادة مع احتمال الغلط والثاني‏:‏ المنع لأن الشهادة تستند إلى معاينة وقال الروياني في جمع الجوامع لو شهد عدلان بسرقة فقوم أحدهما المسروق نصاباً والآخر دونه فلا قطع وأما المالك فإن رضي بأقل القيمتين فذاك وله أن يحلف مع الذي شهد بالأكثر ويأخذه ولو شهدا بأنه نصاب وقومه آخراًن بدونه فلا قطع ويؤخذ في الغرم بالأقل‏.‏

وقال أبو حنيفة بالأكثر‏.‏

فرع القيمة تختلف بالبلاد والأزمان فيعتبر في كل مكان وزمان قيمة ذلك المكان والزمان‏.‏

فرع ادعى السارق نقص قيمة المسروق عن النصاب لم يقطع فإن قامت بينة بأن قيمته نصاب قطع‏.‏

فرع نقصت قيمة المسروق في الحرز عن نصاب بأن أكل بعضه أو أحرقه وأخرج دون نصاب فلا قطع وإن نقص بعد الآخراًج قطع ولو شق الثوب في الحرز أو ذبح الشاة في الحرز ثم أخرجه فعليه ضمان النقص وإن كان المخرج نصابا قطع وإلا فلا‏.‏

فرع سواء كان النصاب المسروق لواحد أو لجماعة فيجب القطع إذا اتحد الحرز‏.‏

الشرط الثاني أن يكون مملوكاً لغير السارق فلا قطع على من سرق مال نفسه من يد غيره كيد المرتهن والمستأجر والمستعير والمودع وعامل القراض والوكيل والشريك فلو أخذ مع ماله نصابا آخر لزمه القطع ولو سرق ما اشتراه من يد البائع في زمن الخيار أو بعده فلا قطع وإن سرق معه مالا آخر فإن كان قبل أداء الثمن قطع وإن كان بعده فلا قطع على الأصح كمن سرق من دار اشتراها ولو وهب له شيء فسرقه بعد القبول وقبل القبض فالصحيح أنه لا قطع بخلاف ما لو أوصى له بشيء فسرقه قبل موت الموصي فإنه يقطع وإن سرق بعد موت الموصي وقبل القبول بني على أن الملك في الوصية بماذا يحصل إن قلنا بالموت لم يقطع وإلا قطع ولو أوصى بمال للفقراء فسرقه فقير بعد موته لم يقطع كسرقة المال المشترك وإن سرقه غني قطع‏.‏

فرع لو طرأ الملك في المسروق قبل آخراًجه من الحرز بأن ورثه السارق أو اشتراه أو اتهبه وهو في الحرز فلا قطع وإن طرأ الملك بعد آخراًجه من الحرز لم يسقط القطع لكن لو وقع ذلك قبل الرفع إلى القاضي لم يمكن استيفاء القطع بناء على أن استيفاء القطع يتوقف على دعوى المسروق منه ومطالبته بالمال كما سيأتي إن شاء الله تعالى‏.‏

فرع إذا ادعى السارق أن ما أخذه على صورة السرقة ملكه فقال‏:‏ كان قد غصبه مني أو من مورثي أو كان وديعة لي عنده أو عارية أو كنت اشتريته منه أو وهبه لي وأذن لي في قبضه أو أذن لي في أخذه لم يقبل قوله في المال بل يصدق المأخوذ منه بيمينه في نفي الغصب والبيع والهبة وبلا يمين في قوله‏:‏ أذن لي في أخذ ماله ويسقط القطع بدعوى الملك على الصحيح المنصوص الذي قطع به الجمهور وفيه وجه أو قول مخرج ويجري الخلاف فيما لو ادعى أن المسروق منه عبده وهو مجهول النسب أو أن الحرز ملكه غصبه منه المسروق منه وفيما إذا شهد عليه بزنى فادعى أن المرأة زوجته أو كانت أمة فقال‏:‏ باعنيها مالكها ورأى الإمام الأصح في حد الزنى أنه لا يسقط بهذه الدعوى بناء على المذهب فيما إذا قامت بينة أنه زنى بأمة فلان الغائب أنه يحد ولا ينتظر حضور الغائب بخلاف مثله في السرقة على ما سيأتي إن شاء الله تعالى ولا يجري فيمن قطع يد إنسان وادعى أنه أذن له في قطعها بل يقتص منه بلا خلاف لأن القطع حق آدمي فهو كالمال ولو أقر المسروق منه أن المال كان ملك السارق فلا قطع بلا خلاف وإذا قلنا بالمنصوص فسرق شخصان وادعيا أن المسروق ملكهما لم يقطعا وإن ادعاه أحدهما لنفسه أولهما وأنكره الآخر واعترف بالسرقة فلا قطع على المدعي وفي المنكر وجهان أصحهما‏:‏ يقطع ولو قال أحدهما هذا ملك شريكي وأخذت معه بإذنه وأنكر الشريك فالذي نقله الأصحاب أنه كالصورة المتقدمة لا قطع على من يدعي ملك الشريك وفي الآخر الوجهان وقال البغوي‏:‏ ينبغي أن يقال‏:‏ يقطع المنكر وفي المدعى الوجهان ولو سرق عبد وادعى أن المسروق ملك سيده فإن صدقه السيد فلا قطع وكذا إن كذبه على الأصح‏.‏

فرع قال الإمام يجري الخلاف في دعوى الملك إذا ظهرت صورة السرقة فإن سرق من حرز هو بما فيه في يد رجل ولم تقم بينة مفصلة فقال السارق‏:‏ هو ملكي فعلى قولنا بسقوط القطع ببقاء النزاع بينهما في المال فيصدق المأخوذ منه بيمينه وإن قلنا‏:‏ لا يسقط القطع بالدعوى فإن حلف المسروق منه ثبت القطع مع المال ويجيء الخلاف في أن القطع يثبت باليمين المردودة والأصح ثبوته كما سنذكره إن شاء الله تعالى ويجري أيضاً فيما لو قامت بينة مفصلة يثبت مثلها في السرقة فقال السارق‏:‏ كان أباحه أو وهبه أو باعه لي واعتمد الشهود ظاهر الحال أما إذا قال لم يزل ملكي وكان غصبنيه أو قال‏:‏ ما سرقت أصلاً فهذا يناقض قول الشهود ويكذبهم فهل يسقط به الحد تفريعاً على أن الدعوى التي لا تكذبهم مسقطة فيه وجهان أصحهما‏:‏ نعم قال ابن كج‏:‏ موضع الخلاف في أن القطع يسقط بدعوى السارق الملك ما إذا حلف المسروق منه على نفي الملك الذي يدعيه أما لو نكل حلف وحلف السارق فيستحق المال ويسقط عنه القطع بلا خلاف ولو نكل السارق أيضاً فيشبه أن يجيء فيه الخلاف‏.‏

الشرط الثالث أن يكون محترماً فلو سرق خمراً أو كلباً أو جلد ميتة غير مدبوغ فلا قطع سواء سرقه مسلم أم ذمي لأنه ليس بمال فلو كان الإناء الذي فيه الخمر يساوي نصابا قطع على الأصح المنصوص وإن كان فيه بول فالمذهب وجوب القطع وطرد صاحب البيان فيه الوجهين وطردهما فيما يستهان به كقشور الرمان وهو بعيد بل الصواب القطع بالوجوب ولو سرق آلات الملاهي كالطنبور والمزمار أو صنما فإن كان لا يبلغ بعد الكسر والتغيير نصابا فلا قطع وإن بلغه قطع على الأصح عند الأكثرين منهم العراقيون والروياني لأنه سرق نصابا من حرز واختار الإمام وأبو الفرج الزاز أنه لا قطع من الملاهي فأشبه الخمر ولأنه غير محرز لأن كل أحد مأمور بإفساد الآت الملاهي ويجوز الهجوم على الدور لكسرها وإبطالها ولأنه لا يجوز إمساكها فهي كالمغصوب يسرق من حرز الغاصب ثم ال وجهان فيما إذا قصد السرقة أما إذا قصد بآخراًجها أن يشهد تغييرها وإفسادها فلا قطع بلا خلاف ولو كسر ما أخذه في الحرز ثم أخرجه وهو يبلغ نصابا قطع على المذهب ولو سرق آنية ذهب أو فضة ففي المهذب و التهذيب إنه يقطع لأنها تتخذ للزينة والوجه ما قاله صاحب البيان أنه يبنى على اتخاذها إن جوزناه قطع وإلا فلا كالملاهي وكذا ذكره الإمام لكنه رأى نفي القطع بعيداً‏.‏

الشرط الرابع أن يكون الملك تاماً قوياً وفيه مسائل‏:‏ إحداها‏:‏ إذا سرق أحد الشريكين من حرز الآخر مالهما المشترك فهل يقطع قولان أظهرهما‏:‏ لا لأن له في كل قدر جزءاً وإن قل فيصير شبهة كوطء المشتركة فعلى هذا لو سرق ألف دينار له منه قدر دينار شائعاً لم يقطع والثاني‏:‏ نعم إذ لا حق له في نصيب الشريك فعلى هذا ثلاثة أوجه قال الأكثرون‏:‏ إن كان المال بينهما بالسوية فسرق نصف دينار فصاعداً فقد سرق من الشريك نصابا وإن كان ثلثاه للسارق فإذا سرق ثلاثة أرباع فقد سرق منه نصابا والثاني‏:‏ إنما يجعل سارقاً لنصاب من الشريك إذا زاد المأخوذ على قدر حقه بنصاب فلو كان بينهما مناصفة فسرق نصف المال وزيادة ربع دينار أو كان ثلثاه للسارق فسرة ثلثيه وزيادة لا تبلغ ربع دينار فلا قطع والثالث إن كان المشترك مما يجبر على قسمته كالحبوب وسائر المثليات فلا قطع حتى يزيد المأخوذ على قدر حصته بنصاب وإن كان مما لا يجبر فيه كالثياب فإذا سرق نصف دينار إن اشتركا بالسوية أو ثلاثة أرباع دينار إن كان الثلثان للسارق قطع‏.‏

الثانية‏:‏ إذا سرق من مال بيت المال نظر إن سرق مما أفرز لطائفة مخصوصين وليس السارق منهم قطع قال الإمام‏:‏ وكذا الفيء المعد للمرتزقة تفريعاً على أنه ملكهم وإن سرق من غيره فأوجه أحدها‏:‏ وهو مقتضى إطلاق العراقيين لا قطع سواء كان غنيا أو فقيراً وسواء سرق من الصدقات أو مال المصالح والثاني يقطع وأصحها التفصيل فإن كان السارق صاحب حق في المسروق بأن سرق فقير من الصدقات أو مال المصالح فلا قطع وإن لم يكن صاحب حق فيه كالغني فإن سرق من الصدقات قطع وإن سرق من المصالح فلا قطع على الأصح لأنه قد يصرف ذلك إلى عمارة المساجد والرباطات والقناطير فينتفع بها الغني والفقير أما إذا سرق ذمي مال المصالح فالصحيح أنه يقطع لأنه مخصوص بالمسلمين ولا ينظر إلى إنفاق الإمام عليهم عند الحاجة لأنه إنما ينفق للضرورة وبشرط الضمان ولا ينظر إلى انتفاعه بالقناطر والرباطات لأنه إنما ينتفع تبعاً وفي وجه‏.‏

لا قطع واختاره البغوي وقال‏:‏ ينبغي أن لا يكون إنفاق الإمام عليه بشرط الضمان قال‏:‏ وهذا في مال المصالح أما لو سرق من مال من مات ولم يخلف وارثاً فعليه القطع لأنه إرث للمسلمين خاصة ولو كفن مسلم من بيت المال فسرق نباش كفنه قطع إذا لم يبق لغير الميت فيه حق كما لو كساه حياً‏.‏

الثالثة‏:‏ إذا سرق ستر الكعبة وهو محرز بالخياطة عليه فالمذهب وجوب القطع وبه قطع الجمهور ونقل ابن كج فيه قولين والمعروف الأول وألحقوا باب المسجد وجذعه وتأزيره وسواريه فأوجبوا القطع بسرقتها قالوا‏:‏ ولا قطع بسرقة ما يفرش في المسجد من حصير وغيره ولا في القناديل المسرجة لأنها معدة لانتفاع الناس والقناديل التي لا تسرج ولا يقصد منها إلا الزينة كالأبواب هذه طريقة الجمهور ورأى الإمام تخريج وجه في الأبواب والسقوف لأنها من أجزاء المسجد والمسجد مشترك وذكر في الحصر والقناديل ونحوها ثلاثة أوجه ثالثها‏:‏ الفرق بين ما يقصد به الاستضاءة أو الزينة وكل هذا في المسلم أما الذمي إذا سرق الباب أو الحصير أو غيرهما فيقطع بلا خلاف وذكر الفوراني في سرقة بكرة اليد المسبلة أنه يقطع وكذا حكاه البغوي قال‏:‏ والوجه عندي أنها كحصير المسجد لأنها لمنفعة الناس‏.‏

الرابعة‏:‏ لو سرق مالاً موقوفاً أو مستولدة وهي نائمة أو مجنونة وجب القطع على الأصح بخلاف المكاتب لأنه في يد نفسه وكذا من بعضه حر ولو سرق من غلة الأرض الموقوفة أو ثمرة شجرة موقوفة قطع بلا خلاف فلو كان للسارق استحقاق أو شبهة استحقاق بأن وقف على جماعة فسرقه أحدهم أو سرق أبو بعض الموقوف عليهم أو ابنه أو وقف على الفقراء فسرق فقير فلا قطع بلا خلاف‏.‏

فرع الصحيح وجوب الحد على من زنى بجارية بيت المال وإن لم يكن القطع بسرقة مال‏.‏

الشرط الخامس أن لا يكون فيه شبهة استحقاق للسارق وفيه مسائل‏:‏ احداها‏:‏ سرق مستحق الدين مال المدين نص أنه لا قطع فقيل بإطلاقه والأصح‏:‏ التفصيل فإن أخذه لا بقصد استيفاء الحق أو بقصده والمدين غير جاحد ولا مماطل قطع وإن قصده وهو جاحد أو مماطل فلا قطع ولا فرق بين أن يأخذ من جنس حقه أو من غيره وقيل‏:‏ يختص بمن أخذ جنس حقه والصحيح الأول ولو أخذ زيادة على قدر حقه فلا قطع على الصحيح لأنه إذا تمكن من الدخول والأخذ لم يبق المال محرزاً عنه وقيل‏:‏ إن بلغت الزيادة نصاباً وهي مستقلة قطع‏.‏

الثانية‏:‏ من يستحق النفقة بالبعضية على المسروق منه لا يقطع بسرقة ماله ويقطع بسرقة مال الأخ وسائر الأقارب ولو سرق أحد الزوجين مال الآخر إن لم يكن محرزاً عنه فلا قطع وإلا فثلاثة أقوال أظهرها‏:‏ يقطع والثاني‏:‏ لا والثالث‏:‏ يقطع الزوج دون الزوجة وقيل‏:‏ يقطعان بلا خلاف قال الأصحاب‏:‏ ومن لا يقطع بسرقة مال شخص لا يقطع عبده بسرقة مال ذلك الشخص فلا يقطع العبد بسرقة مال أبي سيده وابنه وفي قطع عبد أحد الزوجين بسرقته مال الآخر الخلاف وفي وجه يقطع العبد وإن لم يقطع سيده ورجحه الإمام والصحيح المنصوص الذي قطع به الجمهور هو الأول لأن يد العبد كيد السيد ولو سرق مكاتب أحد الزوجين مال الآخر وقلنا‏:‏ لا قطع على العبد ف وجهان كما لو سرق المكاتب مال سيده ففيه خلاف سيأتي إن شاء الله تعالى وعن القاضي حسين أنا إذا لم نقطع أحد الزوجين بسرقة مال الآخر ينبغي أن لا يقطع ولد أحدهما بسرقة مال الآخر وغلط القاضي في ذلك ولو كان لرجل زوجتان سرقت أحدهما مال الأخرى أو سرق مال زوجة أبيه أو ابنه فالمذهب وجوب الحد ولا يقطع العبد بسرقة مال سيده بخلاف ما لو زنى بجاريته والمدبر وأم الولد ومن بعضه حر في كل ذلك كالقن وكذا المكاتب في الأصح ولا خلاف أن السيد لا يقطع بما في يد مملوكه وإن قدرنا له ملكا ولو سرق ممن بعضه مملوكه ما ملكه ببعضه الحر قال القفال‏:‏ لا يقطع وقال الشيخ أبو علي‏:‏ يقطع‏.‏

الثالثة‏:‏ لو أخذ المال على صورة السرقة على ظن أن المأخوذ ملكه أو ملك أبيه أو ابنه أن الحرز فرع في صور يتوهم أنها شبهة وليست مؤثرة فلا أثر لكون المسروق مباح الأصل كالحطب والحشيش والصيد ومال المعدن ولا لكونه معرضاً للفساد كالرطب والتين والرياحين والشواء والهريسة والجمد والشمع المشتعل ولو سرق عيناً فقطع ثم سرقها من المالك الأول أو غيره قطع ثانياً ولا يشترط كون المسروق في يد المالك بل السرق من يد المودع والمرتهن والوكيل وعامل القراض والمستعير والمستأجر يوجب القطع والخصم فيها الماك وإذا قلنا الماء لا يملك فلا قطع بسرقته وإن قلنا‏:‏ يملك قطع في الأصح ووجه المنع أنه تافه ويجري الوجهان في سرقة التراب لأنه لا تقصد سرقته لكثرته ويجب القطع بسرقة المصحف وكتب التفسير والحديث والفقه وكذا الشعر الذي يحل الانتفاع به وما لا يحل الانتفاع به لا قطع فيه إلا أن يبلغ الجلد والقرطاس نصابا ويجب القطع بسرقة قرون الحيوان‏.‏

الشرط السادس كونه محرزاً فلا قطع في سرقة ما ليس بمحرز ويختلف الحرز باختلاف الأحوال والأموال والتعويل في صيانة المال وإحرازه على شيئين أحدهما‏:‏ الملاحظة والمراقبة والثاني‏:‏ حصانة الموضع ووثاقته فإن لم يكن للموضع حصانة كالموضوع في صحراء أو مسجد أو شارع اشترط مداًومة اللحاظ وإن كان له حصانة وانضم إليها اللحاظ المعتاد كفى ولم تشترط مداومته ويحكم في ذلك العرف وتفضيله بمسائل‏:‏ احداها‏:‏ الاصطبل حرز الدواب مع نفاستها وكثرة قيمتها وليس حرزاً للثياب والنقود والصفة في الدار وعرصتها حرزان للأواني وثياب البذلة دون الحلي والنقود لأن العادة فيها الإحراز في المخازن وكذا الثياب النفيسة تحرز في الدور وفي بيوت الحانات وفي الأسواق المنيعة والمتبن حرز للتبن دون الأواني والفرش‏.‏

واعلم أن ما كان حرزاً لنوع كان حرزاً لما دونه وإن لم يكن حرزا لما فوقه‏.‏

الثانية‏:‏ إذا نام في صحراء أو مسجد أو شارع على ثوبه أو توسد عيبته أو متاعه أو اتكأ عليه فسرق الثوب من تحته أو العيبة أو أخذ المنديل من رأسه أو المداس من رجله أو الخاتم من إصبعه وجب القطع لأنه محرز به ولو زال رأسه عما توسده أو انقلب في النوم عن الثوب وخلاه فلا قطع بسرقته ولو رفع السارق النائم عن الثوب أولاً ثم أخذه فلا قطع ولو وضع متاعه أو ثوبه بقربه في الصحراء أو المسجد فإن نام أو ولاه ظهره أو ذهل عنه بشاغل لم يكن محرزاً وإن كان متيقظاً يلاحظه فتغفله السارق وأخذ المال قطع على الصحيح وهل يشترط أن لا يكون في الموضع زحمة الطارقين وجهان‏:‏ أحدهما لا وتكفي الملاحظة لكن لا بد بسبب الزحمة من مزيد مراقبة وتحفظ وأصحهما نعم وتخرجه الزحمة عن كونه محرزاً وأجري الوجهان في الخباز والبزاز وغيرهما إذا كثرت الزحمة على حانوته قال الإمام‏:‏ ولو وضع المتاع في شارع ولاحظه جمع صار عدد اللاحظين في معارضة عدد الطارقين كلاحظ في الصحراء في معارضة طارق ويشترط كون الملاحظ بحيث يقدر على المنع لو اطلع على سارق إما بنفسه وإما بالاستغاثة فإن كان ضعيفاً لا يبالي به السارق والموضع بعيد عن الغوث فليس بحرز بل الشخص شائع مع ماله وينبغي أن لا يفرق بين كون الصحراء مواتاً أو غيره‏.‏

واعلم أن الركن الأول في كونه محرزاً الملاحظة فلا تكفي حصانة الموضع على أصل الملاحظة حتى إن الدار المتفردة في طرف البلد لا تكون حرزاً وإن تناهت في الحصانة وكذا القلعة المحكمة لأنه إذا لم يكن الموضع على أصل الملاحظة حتى إن الدار المنفردة في طرف البلد لا تكون خطر لكن لا يحتاج مع الحصانة إلى دوام الملاحظة بخلاف ما ذكرنا في الصحراء‏.‏

فرع لو أدخل يده في جيب إنسان أو كمه وأخذ المال أو طر جيبه أو كمه وأخذ المال قطع لأنه محرز به وسواء ربطه من داخل الكم أم من خارجه أم لم يربطه وإن أخذه من رأس منديل على رأس قال البغوي إن كان قد شده عليه قطع وإلا فلا‏.‏

الثالثة الدار إن كانت منفصلة عن العمارات بأن كانت في بادية أو في الطرق الخراب من البلد أو في بستان فليست بحرز إن لم يكن فيها أحد سواء كان الباب مفتوحاً أو مغلقاً فإن كان فيها صاحبها أو حافظ آخر نظر إن كان نائماً والباب مفتوح فليست حرزاً وإن كان مغلقاً فوجهان الذي أجاب به الشيخ أبو حامد ومن تابعه أنه محرز والذي يقتضيه إطلاق الإمام والبغوي خلافه‏.‏

قلت الذي قاله أبو حامد أقوى وجزم الرافعي في المحرر بأنه غير محرز والله أعلم‏.‏

وإن كان من فيها متيقظاً فالأمتعة فيها محرزة سواء كان الباب مفتوحاً أو مغلقاً لكن لو كان ممن لا يبالي به وهو بعيد عن الغوث فالحكم على ما ذكرناه في الملحوظ بعين الضعيف في الصحراء وإن كانت الدار متصلة بدور أهله نظر إن كان الباب مغلقاً وفيها صاحبها أو حافظ آخر فهي حرز لما فيها ليلاً ونهاراً متيقظاً كان الحافظ أو نائماً وإن كان الباب مفتوحاً فإن كان من فيها نائماً لم يكن حرزاً ليلاً قطعاً ولا نهاراً في الأصح وقيل حرز نهاراً في زمن الأمن من النهب وغيره وإن كان من فيها متيقظاً لكنه لا يتم الملاحظة بل يتردد في الدار فتغفله إنسان فسرق لم يقطع على الأصح المنصوص للتقصير بإهمال المراقبة مع فتح الباب ولو كان يبالغ في الملاحظة بحيث يحصل الإحراز بمثله في الصحراء فانتهز السارق فرصة قطع بلا خلاف ولو فتح صاحب الدار بابها وأذن للناس في الدخول كشراء متاعه كما يفعله من يخبز في داره فوجهان لأن الزحمة تشغل فأما إذا لم يكن فيها أحد فالمذهب وبه قطع البغوي أنه إن كان الباب مغلقاً فهو حزر بالنهار في وقت الأمن وليس حرزاً في وقت الخوف ولا في الليل وإن كانت مفتوحاً لم يكن حرزاً أصلاً ومن جعل الدار المنفصلة عن العمارات حرزاً عند إغلاق الباب فأولى أن يجعل المتصلة بها عند الإغلاق حرزاً وإذا ادعى السارق أن صاحب الدار نام أو ضيع ما فيها وأعرض عن اللحاظ فقال الغزالي يسقط القطع بمجرد دعواه كما في دعوى الملك ويجيء فيه الوجه المذكور هناك‏.‏

واعلم أن الأمر في كل هذا مبني على العادة الغالبة في الإحراز وعلى هذا الأصل قال الأصحاب النقد والجوهر والثياب لا تكون محرزة إلا بإغلاق الباب عليها وأمتعة العطارين والبقالين والصيادلة إذا تركها على باب الحانوت ونام فيه أو غاب عنه فإنه ضم بعضها إلى بعض وربطها بحبل أو علق عليها شبكة أو وضع لوحين على باب الحانوت مخالفين كفى ذلك إحرازاً في النهار لأن الجيران والمارة ينظرونها وإن تركها مفرقة ولم يفعل شيئاً مما ذكرناه لم تكن محرزة وأما بالليل فلا تكون محرزة إلا بحارس قال الروياني والبقل والفجل قد يضم بعضه إلى بعض ويطرح عليه حصير ويترك على باب الحانوت وهناك حارس ينام ساعة ويدور ساعة فيكون محرزاً وقد يزين العامي حانوته أيام العيد بالأمتعة النفيسة ويشق عليه رفعها ليلاً فيتركها ويلقى عليها قطعاً وينصب حارساً فتكون محرزة بخلاف سائر الأيام لأن أهل السوق يعتادون ذلك فيقوى بعضهم ببعض والثياب على باب حانوت القصار والصباغ كأمتعة العطارين هذا فيما ينقل في العادة إلى داخل بناء ويغلق عليه باب فأما الأمتعة الثقيلة التي يشق نقلها كالحطب فهي محرزة بأن يشد بعضها إلى بعض وكذلك الخزف والقدور تحرز بالشرائح التي تنصب على وجه الحانوت وإن تركت متفرقة لم تكن محرزة وفي وجه لا يكفي الشد بل يشترط أن يكون عليها باب مغلق أو يكون على سطح محوط والأول أصح حيث جرت العادة به وكذا الطعام في الغرائر في موضع البيع محرزاً إذا شد بعضها إلى بعض بحيث لا يمكن أخذ شيء منه إلا بحل الرباط أو فتق بعض الغرائر نص عليه الشافعي رحمه الله والحطب والقصيل على السطح المحوط محرزان والأجذاع الثقال على أبواب المساكين محرزة وقال البغوي متاع البقال في الحانوت في الليل محرز في وقت الأمن إذا كان الباب مغلقاً وفي غير وقت الأمن لا بد من حارس ومتاع البياع والبزار لا يكون محرزاً إلا بالحارس وإن الكدس في الصحراء والبذر المستتر بالتراب والزرع والقطن قصيلا كانا أو اشتد الحرب وخرج الجوزق ليست محرزة إلا بحارس وفي جمع الجوامع للروياني أن الزرع في المزارع محرز وإن لم يكن حارس وفي تعليقه الشيخ إبراهيم المروذي أن الزرع إذا كان قصيلا لا يحتاج إلى حارس لأنه يحفظ مثله في العادة وهذا يجري في البذر المستتر ولو كانت هذه الأشياء في محوط فهي كالثمار في البساتين والثمار على الأشجار إن كانت في برية لا تكون محرزة إلا بحارس وفي الكرم والبساتين المحوطة كذلك إن كانت بعيدة عن الطرق والمساكن وإن كانت متصلة بها والجيران يراقبونها في العادة فهي محرزة وإلا فيحتاج إلى حارس والأشجار في أفنية الدور محرزة وفي البرية تحتاج إلى حارس والحنطة في مطامير المفازة والتبن في المتبن والثلج في المثلجة والجمد في المجمدة في الصحراء غير محرزة إلا بحارس وباب الدار والحانوت والمغلاق والحلقة على الباب محرزة بالتركيب والتسمير وكذا الآجر إذا سرق من صحن الدار أو استخرجه من الجدار داخلا أو خارجاً ليلاً أو نهاراً وجب القطع والشرط في كونها محرزة أن تكون الدار بحيث تحرز ما فيها ولو كان باب الدار مفتوحاً فدخل داخل وقلع باب بيت وأخرجه فعن أبي إسحاق أنه لا قطع كما لو أخذ متاعاً منها وقال الأكثرون يقطع والباب محرز بالتركيب كباب الدار والقفل على الباب محرز كالباب والحلقة وقال ابن سلمة ليس بمحرز لأنه للإحراز به لا لإحرازه والأول أصح‏.‏

المسألة الرابعة الخيام بربطها وتنضيد الأمتعة فيها له تأثير في الاستغناء عن دوام اللحاظ المعتبر في الأمتعة الموضوعة في الصحراء لكنها ليست كالدور في الحصانة لأنها في نفسها قابلة للسرقة فإذا ضرب في صحراء خيمة وآوي إليها متاعاً فسرق منها أو سرقت هي نظر إن لم يشد أطنابها ولم يرسل أذيالها فهي وما فيها كالمتاع الموضوع في الصحراء وإن شدها بالأوتاد وأرسل أذيالها فإن لم يكن صاحبها فيها فلا قطع وقيل الخيمة محرزة دون ما فيها والصحيح الأول وإن كان صاحبها في نفسها مستيقظاً أو نائماً أو نام بقربها وجب القطع بسرقتها أو سرقة ما فيها لحصول الإحراز في العادة قال الأئمة والشرط أن يكون هناك من يتقوى به فأما إذا كان في مفازة بعيدة عن الغوث وهو ممن لا يبالي به فليس بحرز ولو ضرب خيمة بين العمارة فهو كالمتاع الموضوع بين يديه في السوق وهل يشترط إسبال باب الخيمة إذا كان من فيها نائماً وجهان أصحهما لا ولو شدها بالأوتاد ولم يرسل أذيالها وكان يمكن دخولها من كل وجه فهي محرزة وما فيها كيس بمحرز هكذا ذكروه وقد يفهم منه أن الأمتعة والأحمال إذا شد بعضها ببعض تكون محرزة بعض الإحراز وإن لم يكن هناك خيمة ولو أن السارق يجيء النائم في الخيمة ثم سرق فلا قطع لأنها لم تكن حرزاً حين سرق‏.‏

الخامسة المواشي في الأبنية المغلقة الأبواب محرزة إن اتصلت بالعمارة سواء كان صاحبها فيها أم لم يكن للعادة وإن كانت في برية لم تكن محرزة إلا إذا كان صاحبها فيها مستيقظاً أو نائماً فإن كان الباب مفتوحاً اشترط كونه مستيقظاً ويكفي أن يكون المراح من حطب أو حشيش وأما في أحدها أن تكون الإبل ترعى في صحراء فهي محرزة إذا كان معها حافظ يراها جميعاً ويبلغها صوته فإن لم ير بعضها لكونه في وهدة أو خلف جبل أو حائط فذلك البعض غير محرز ولو نام أو تشاغل لم تكن محرزة ولو لم يبلغ صوته بعضها ففي المهذب وغيره أن ذلك البعض غير محرز وسكت آخرون عن اعتبار بلوغ الصوت اكتفاء بالنظر لأنه إذا قصد ما يراه أمكنه العدو إليه وحكم الخيل والبغال والحمير وهي ترعى حكم الإبل وكذا الغنم إذا كان الراعي على نشز من الأرض يراها جميعاً فهي محرزة إذا بلغها صوته وإن كانت متفرقة‏.‏

الثاني أن تكون سائرة أما الإبل فإن كانت مقطورة يسوقها سائق فمحرزة إن انتهى نظره إليها وإن كانت يقودها اشترط أن ينظر إليه كل ساعة وينتهي نظره إليها إذا التفت فإن كان لا يرى البعض لحائل جبل أو بناء فذلك البعض غير محرز وحكى ابن كج وجهاً أنه لا يشترط انتهاء النظر إلى آخرها وليجيء هذا في سوقها ولو ركب الحافظ أولها فهو كقائدها ولو ركب غير الأول فهو لما بين يديه كسائق ولما خلفه كقائد وحيث يشترط انتهاء نظره إليها ففي اشتراط بلوغ الصوت ما سبق وقد يستغنى بنظر المارة عن نظره إذا كان يسيرها في سوق مثلا أما إذا لم تكن مقطورة بأن كانت تساق أو تقاد فمنهم من أطلق أنها غير محرزة لأنها لا تسير هكذا غالباً وبهذا قطع البغوي وقال صاحب الإفصاح المقطورة وهذه سواء وبهذا أخذ الروياني المعتبر أن تقرب منه ويقع نظره عليها ولا تعتبر صورة القطر فإن اعتبرناه فيشترط أن لا يزيد القطار الواحد على تسعة للعادة الغالبة فإن زاد فهي كغير المقطورة ومنهم من أطلق ذكر القطر ولم يقيد بعدد والأصح توسط ذكره أبو الفرج السرخسي فقال في الصحراء لا يتقيد بعدد وفي العمران يعتبر ما جرت العادة بأن يجعل قطاراً وهو ما بين سبعة إلى عشرة فإن زاد لم تكن الزيادة محرزة والخيل والبغال والحمير والغنم السائرة كالإبل السائرة إذا لم تكن مقطورة ولم يشترطوا القطر فيها لكنه معتاد في البغال ويختلف عدد الغنم المحرزة بالواحد بالبلد والصحراء‏.‏

الثالث أن تكون الإبل مناخة فإن لم يكن معها أحد فليس محرزة وإن كان معها صاحبها فإن كانت معقولة لم يضر نومه ولا اشتغاله عنها لأن في حل المعقولة ما يوقظ النائم والمشتغل وإن لم تكن معقولة اشترط أن ينظر إليها ويلاحظها‏.‏

فرع الطعام على دابة محرزة محرز فيقطع سارقه سواء من الوعاء أو مع الوعاء أو مع الدابة ولو ساق بقرة وتبعها عجلها فإنما يكون العجل محرزاً إذا قرب منه بحيث يراه إذا التفت وأن يلتفت كل ساعة كما سبق في قائد القطار وعن المسعودي أن الغنم المرسلة في سكة تشرع إليها أبواب الدور لا تكون محرزة حتى تأوي إلى موضع وليكن هذا فيما إذ كثرت وتعذرت الملاحظة ومن السادسة إذا نبش قبراً وسرق منه الكفن فالمذهب وجوب القطع في الجملة وبه قطع الجمهور وحكى ابن خيران وابن الوكيل قولاً آخر أنه لا قطع فيه بحال لأنه موضوع للبلى لا للإحراز ويتفرع على المذهب صور‏.‏

أحدها إن كان القبر في بيت محرز قطع بسرقة الكفن منه وكذا لو كانت المقبرة محفوفة بالعمارة يندر تخلف الطارقين عنها في زمن يتأتى فيه النبش أو كان عليها حراس مرتبون ولو كان القبر في مفازة وبقعة ضائعة ف وجهان أحدهما ليس بحرز وبه قطع صاحب المهذب والغزالي وعزاه إلى جماهير الأصحاب لأن السارق يأخذ من غير خطر والثاني واختاره القفال والقاضي ورجحه العبادي القبر حرز للكفن حيث كان لأن النفوس تهاب الموتى ولو كان القبر في بيت محرز فسرق الكفن حافظ البيت فعلى الوجه الأول لا قطع وعلى الثاني يجب ولو كان القبر في مقابر البلاد الواقعة على طرف العمارة فإن كان لها حارس وجب القطع وإلا فوجهان أصحهما يجب أيضاً لأنه حرز في العادة‏.‏

الثانية لو وضع في القبر شيء سوى الكفن قال الإمام إن كان القبر في بيت تعلق القطع بسرقته وإن كان في المقابر فوجهان أصحهما وبه قطع الجمهور لا قطع للعادة بخلاف الكفن لأن الشرع قطع فيه النباش وجعله محرزاً لضرورة التكفين والدفن وخص الإمام الوجه الآخر بما إذا كان من جنس الكفن كثوب وضع فيه وكما لو كفن في زيادة على خمسة أثواب ففي الزيادة على الخمسة التي تلي الميت الوجهان وليس الوجه مختصاً فقد حكاه الروياني فيما لو وضع في القبر مضربة أو وسادة للميت وعن بعضهم أنه أجراه فيما لو وضع معه دراهم أو دنانير بل في الرقم للعبادي أن القفال أوجب القطع فيما لو دفن معه مال في برية والتابوت الذي يدفن فيه كالأكفان الزائدة والزيادة على ما استحب تطييب الميت به كسائر الأموال وعن الماسرجسي أنه يقطع بالقدر المتسحب كالكفن‏.‏

الثالثة إذا كفن من تركته فلمن الكفن فيه أوجه أصحها للورثة لكن يقدم الميت فيه كقضاء دينه وإن كان الملك للورثة وعلى هذا لو سرقه بعض الورثة أو ولد بعضهم فلا قطع والثاني يبقى على ملك الميت لحاجته إليه وإن كان لا يثبت له الملك ابتداء كما يبقى الدين عليه وإن لم يثبت عليه ابتداء والثالث أن الملك فيه لله عز وجل فإن قلنا الملك فيه للوارث فهو الخصم في السرقة وإن قلنا للميت فهل الخصم الوارث أم الحاكم وجهان وإن قلنا لله عز وجل فالخصم الحاكم هذا ما ذكره الأصحاب وقال الإمام إن كان من يقول الملك لله تعالى أو للميت يقول يتعين رده بعد ما أخذه النباش إلى الميت ولا يجوز للوارث إبداله فالتفريع والخلاف في أن الخصم من هو صحيح لكن هذا قول عري عن التحصيل والوجه عندي أن للوارث إبداله بعد انفصاله عن الميت وحينئذ يجب الجزم بأنه الخصم لا غير ولو أكل الميت سبع أو ذهب به سيل وبقي الكفن فإن قلنا إنه ملك الورثة اقتسموه وإن قلنا ملك الميت فالأصح أنه يجعل في بيت المال لمصالح المسلمين والثاني أنه للورثة وإن قلنا لله تعالى جعل في بيت المال قطعاً هذا كله إذا كفن من تركته فإن كفنه أجنبي أو كفن من بيت المال فلمن الملك فيه طريقان أحدهما على الأوجه والثاني للأجنبي أو على حكم بيت المال ويكون كالعارية‏.‏

قلت هذا أصح والله أعلم‏.‏

والقول في أن الخصم في السرقة من هو وفي أنه لو أكله سبع إلى من يرد الكفن مبني على الخلاف في الملك‏.‏

فرع كفن سيد عبده فهل الكفن ملك السيد أم لا يملكه أحد وجهان أصحهما الأول ولو سرق الكفن وضاع كفن ثانياً من التركة فإن لم يكن فهو كمن مات ولا تركة له‏.‏

قلت هكذا جزم صاحب التتمة بأنه يجب تكفينه ثانياً من التركة وقال صاحب الحاوي إذا كفن من ماله وقسمت التركة ثم سرق الكفن استحب للورثة تكفينه ثانياً ولا يلزمهم ذلك وهذا قوي وإنما يقطع النباش إذا أخرج الكفن من جميع القبر أما إذا أخرجه من اللحد إلى فضاء القبر وتركه هناك لخوف أو غيره فلا يقطع هكذا نص عليه الشافعي رحمه الله عنه ويجوز أن يخرج على الخلاف في الإخراج من بيت إلى صحن الدار‏.‏

فصل إذا كان الحرز ملكاً للسارق نظر إن كان في يد المسروق منه بإجارة فسرق منه المؤجرة قطع لأن المنافع مستحقة للمستأجر وفي هذا الاستبدال إعلام بأن التصوير فيمن استحق بالإجارة إيواء المتاع دون من استأجر أرضاً للزراعة فآوى إليها ماشية وإن كان الحرز في يده بإعارة وسرق المعير منه مال المستعير قطع على الأصح المنصوص وقيل لا وقيل إن دخل الحرز بنية الرجوع عن العارية فلا قطع وإن دخل بنية السرقة قطع ولو أعار عبداً لحفظ مال أو رعي غنم ثم سرق مما يحفظه عبده فقيل يقطع قطعاً وقيل فيه الأوجه ولو أعار قميصاً فلبسه المستعير وطر المعير جيبه وأخذ ما فيه قطع ولو كان الحرز في يده بغصب فسرق مالك الحرز منه فلا قطع لأن دخوله جائز فليس محرزاً عنه وإن سرق منه أجنبي لم يقطع على الأصح ولو اشترى الحرز وسرق منه قبل القبض مال البائع فإن لم يكن أدى الثمن قطع وإلا فلا على الأصح ولو غصب مالا أو سرقة ووضعه في حرزه فجاء مالك المال وسرق من ذلك الحرز مالا للغاصب فلا قطع على الأصح لأن له دخول الحرز وهتكه لأخذ ماله وخصص جماعة الوجهين بما إذا كان مال الغاصب متميزاً لا عن ماله سواء أخذه وحده أم مع مال نفسه فأما إذا كان مخلوطاً به بحيث لا يتميز أحدهما فلا قطع قطعاً وهذا تفريع على أن المال المشترك لا يقطع به الشريك ولو سرق أجنبي المال المغصوب أو المسروق لم يقطع على الأصح‏.‏

 فصل سرق طعاماً في عام القحط والمجاعة

فإن كان يوجد عزيزاً بثمن غال قطع وإن كان لا يوجد ولا يقدر عليه فلا قطع وعلى هذا يحمل ما جاء عن عمر رضي الله عنه لا قطع في عام المجاعة‏.‏

 الركن الثاني نفس السرقة

وهي أخذ المال على وجه الخفية فلا قطع على من أخذ عياناً كالمختلس والمنتهب فالمختلس هو من يعتمد الهرب والمنتهب الذي يعتمد القوة والغلبة ولا يقطع المودع إذا جحد وفيه ثلاثة أطراف‏:‏ الطرف الأول في إبطال الحرز وقد يكون بالنقب وفتح الباب وقد يكون بتغييبه عن نظر الملاحظ وفيه صور‏:‏ الأولى إذا نقب ثم عاد وأخرج نصاباً في ليلة أخرى فإن علم صاحب الحرز بالنقب أو كان ظاهراً يراه الطارقون وبقي كذلك فلا قطع لانتهاك الحرز وإلا فيقطع على الأصح وبه قال ابن سريج وغيره كما لو نقب وأخرج المال آخر ولو نقب واحد ودخل آخر الحرز وأخرج المال في الحال أو بعده لم يقطع واحد منهما ويضمن الأول الجدار‏.‏

والثاني ما أخذه وقيل في وجوب القطع على الثاني قولان والمذهب الأول فلو كان في الدار حافظ قريب من النقيب وهو يلاحظ المتاع فهو محرز به فيقطع الآخذ وإن كان الحافظ نائماً لم يقطع في الأصح كما سبق فيمن نام في الدار وبابها مفتوح‏.‏

الثانية تعاون شريكان على النقب وأخرجا نصابين بأن أخرج كل واحد نصاباً أو حملا متاعاً يساوي نصابين لزمهما القطع وإن تعاونا على النقب وانفرد أحدهما بالإخراج فالقطع على المخرج خاصة وحكى الإمام في المخرج وجهاً شاذاً جداً ولو نقب واحد ودخل مع آخر وأخرجا المال قطع الجامع بين النقب والإخراج دون الآخر ولو اشتركا في النقب ولو يخرجا إلا نصاباً فقد سبق أنه لا قطع على واحد منهما ولو أخرج أحدهما بعد الاشتراك في النقب ثلثاً والآخر سدساً قطع صاحب الثلث دون الآخر وفيما يحصل به الاشتراك في النقب وجهان أحدهما لا يحصل بأخذ آلة واحدة ويستعملاها معاً كما لا يحصل الاشتراك في قطع اليد إلا بأن يمرا حديدة واحدة الثالثة الشريكان في النقب إذا دخل أحدهما ووضع المتاع قريباً من النقب أو دخل أحد السارقين ووضعه قريباً من باب الحرز وأدخل الآخر يده وأخذه فالقطع على الثاني المخرج دون الأول وكذا لو وقف أحدهما على طرف السطح ونزل الآخر وجمع الثياب وربطها بحبل فرفعها الواقف فالقطع عليه لا على الأول وعليهما الضمان ولو وضع الداخل المتاع خارج الحرز أو الباب وأخذه الآخر فالقطع على المخرج دون الآخذ ولو وضع المتاع على وسط النقب فأخذه الآخر وأخرجه وهو يساوي نصابين فقولان أحدهما يقطعان وأظهرهما لا قطع على واحد منهما ولو ناول الداخل الخارج في النقب قال الروياني لا يقطع واحد منهما ذكره بعد حكايته القولين المذكورين ويشبه أن يكون هذا تفريعاً على الأظهر وإلا فلا فرق ولو نقب اثنان ودخلا وأخذ أحدهما المال وشده على وسط الآخر فخرج به الآخر فالقطع على هذا الآخر دون الأول ولو أن الآخر أخذ المال فأخرجه والمتاع في يده قطع المحمول وفي الحامل وجهان أصحهما لا يقطع لأنه ليس بحامل للمال ولهذا لو حلف لا يحمل طبقاً فحمل رجلا حاملاً طبقاً لا يحنث ولو نقب زمن وأعمى وأدخل الأعمى الزمن فأخذ المال وحمله الأعمى وأخرجه قطع الزمن وفي الأعمى الوجهان قال صاحب البيان ولو أن الأعمى حمل الزمن وأدخله فدل الزمن الأعم على المال وأخذه وخرج به قطع الأعمى ولا يقطع الزمن على الأصح ولو نقب واحد ودخل فوضع المتاع على وسط النقب فأخذه آخر أو دخل غير الناقب ووضعه في الوسط فأخذه الناقب فلا قطع على واحد منهما‏.‏

فرع لا فرق في هتك الحرز بين النقب وكسر الباب وقلعه وفتح المغلاق والقفل وتسور الحائط فيجب القطع بأخذ المال في جميع هذه الأحوال‏.‏

الطرف الثاني في وجوه النقل وفيه مسائل‏:‏ إحداها رمى المال إلى خارج الحرز من النقب أو الباب أو من فوق الجدار لزمه القطع سواء أخذه بعد الرمي أو تركه فضاع أو أخذه غيره وقيل إن لم يأخذه فلا قطع فعلى هذا لو أخذه معينة ففيه تردد للإمام والصحيح الأول لو أدخل يده في النقب أو أدخل فيه محجناً أو حبلا في رأسه كلاب من السطح وأخرج به ثوباً أو إناء ونحوه قطع‏.‏

الثانية لو أتلف المال في الحرز بأكل أو إحراق فلا قطع ولو ابتلع في الحرز جوهرة أو ديناراً فثلاثة أوجه أصحها أنها إن خرجت منه بعد ذلك قطع وإلا فلا والثاني لا يقطع مطلقاً والثالث يقطع ونقل الغزالي وجهاً رابعاً أنه إن أخذها بعد الانفصال عنه قطع وإلا فلا ولم أره لغيره ولو أخذ الطيب فتطيب به في الحرز ثم خرج فإن لم يمكن أن يجمع منه ما يبلغ نصاباً فلا قطع وكذا إن أمكن على الأصح لأن استعماله يعد إهلاكاً كأكل الطعام‏.‏

الثالثة لو كان في الحرز ماء جار فوضع عليه حتى خرج قطع على الصحيح وإن كان راكداً وحركه حتى خرج به فهو كالجاري وإن حركه غيره فخرج فالقطع على المحرك وإن زاد الماء بانفجار أو مجيء سيل فخرج به لم يقطع على الأصح ولو كان في بستان أترج والماء يدخل من أحد طرفيه ويخرج من الآخر فجمع ناراً ووقوداً ووضعه على الماء حتى دخل وعلا الدخان فأسقط الأترج في الماء وخرج من الطرف الآخر فأخذه أو رمى الأشجار بحجارة من خارج البستان حتى تناثرت الثمار في الماء وخرجت من الجانب الآخر لم يقطع على الصحيح ولو كانت الريح تهب فعرض المتاع حتى خرجت به أو وضعه على طرف النقب فطارت به الريح قطع ولا أثر لمعاونة الريح كما أنها لا تمنع وجوب القصاص وحل الصيد والحالة هذه ولو كانت الريح راكدة فوضعه على طرف النقب فهبت وأخرجته فلا قطع على الأصح‏.‏

الرابعة لو وضع متاعاً في حرز على ظهر دابة وسيرها بسوق أو قود حتى خرجت أو عقد اللؤلؤة على جناح طائر وطيره قطع على المذهب وبه قطع الأصحاب وفي البيان وجه ولو كانت الدابة في السير فوضع المتاع عليها فخرجت به فلا قطع فهو كما لو سيرها ولو لم تكن سائرة ولا سيرها بل كانت واقفة فوضع المتاع عليها فسارت وخرجت به فلا قطع على الأصح لأن لها اختياراً في السير وقيل لا قطع بلا خلاف وقيل إن سارت في الحال قطع وإلا فوجهان وقيل إن وقفت ثم سارت فلا قطع وإن سارت في الحال فوجهان ولو أخرج شاة فتبعها أخرى أو سخلتها ولم تكن الأولى نصاباً ففيه هذا الخلاف والمذهب أنه لا قطع في الصورتين وفي دخول السخلة في ضمانه وجهان ولو نقب الحرز ثم أمر صبياً لا يميز بإخراج المال فأخرجه فقال الجمهور يجب القطع على الآمر قطعاً وقيل على الخلاف في خروج البهيمة التي كانت واقفة وإن كان مميزاً وله اختيار صحيح ورؤية فلا قطع لأنه ليس آلة له والعبد الأعجمي كالصبي الذي لا يميز‏.‏

الخامسة لو سرق عبداً صغيراً لا يميز قطع إن كان محرزاً وإنما يكون محرزاً إذا كان في دار السيد أو بفناء داره فإن بعد عنها ودخل سكة أخرى فليس بمحرز وسواء في المحرز بفناء الدار كان وحده أو كان يلعب مع الصبيان لأنه لا يعد مضيعاً وسواء حملة نائماً أو مستيقظاً أو دعاه فتبعه لأنه كالبهيمة يساق أو يقاد ويجيء فيه الخلاف في تسيير البهيمة والمجنون والأعجمي الذي لا يميز كصغير لا يميز وإن كان الصغير مميزاً فسرقه نائماً أو سكران أو مضبوطاً فعلى ما ذكرناه في غير المميز ولو دعاه وخدها فتبعه باختياره فليس بسرقة بل هو خيانة لو أكرهه بالسيف حتى خرج من الحرز قطع على الأصح ولو حمل عبداً قوياً قادراً على الامتناع فلم يمتنع فلا قطع ولو حمله نائماً أو سكران قال الإمام الوجه عندي الجزم بثبوت يده عليه حتى لو تلف قبل التيقظ ضمنه لأن المنقول لا يتوقف ثبوت اليد عليه على الاستيلاء والتمكن من المقاومة عند طلب الاسترداد قال وفي تحقيق السرقة نظر لأن مثل هذا العبد محرز بيده وقوته هكذا ذكر المسألة الإمام والغزالي في الوسيط على الترديد وأطلق في الوجيز أنه لا قطع قال الإمام ولو جلس حيث لا مستغاث يصاح به وهو يلاحظ متاعه فتغفله ضعيف وأخذ المال ولو شعر به صاحب المال لطرده فهل نقول لا قطع كما لو أخذه قوي لا يبالي بصاحب المال أم نقول يختلف الحكم بحسب اختلاف الآخذين الظاهر عندنا أنه يختلف‏.‏

السادسة الحر لا يضمن باليد فلا قطع بسرقته وإن كان طفلا لأنه ليس بمال فلو كان مع الصبي مال أو في عنقه قلادة تبلغ نصاباً فلا قطع أيضاً على الأصح لأنه في يد الصبي ومحرز به فلم يخرجه من حرزه هكذا أطلق الجمهور الوجهين وصورهما الإمام فيما لو كان الصبي نائماً أو مربوطاً عند الحمل قال ويجريان في أن من حمله على غير صورة السرقة هل تدخل الثياب التي عليه في ضمانه ولو حمل حراً مستقلا وأخرجه من الحرز وعليه ثيابه أو معه مال آخر قال الإمام تقدم عليه مسألة وهي أنه لو نام على بعير عليه أمتعة فجاء سارق فأخذ بزمامه وأخرجه عن القافلة وجعله في مضيعة وفيه أربعة أوجه أحدها يجب القطع لأنه أخرج نصاباً من الحرز والمأمن إلى المضيعة والثاني لا قطع لأن البعير وما عليه محرز بالراكب ولم يخرجه من يده والثالث إن كان الراكب قوياً لا يقاومه السارق لو انتبه فلا قطع وإن كان ضعيفاً لا يبالي به السارق قطع ولا أثر ليد الضعيف والربع وهو الأصح ولم يذكر كثيرون سواه إن كان الراكب حراً فلا قطع لأن المتاع والبعير في يده وإن كان عبداً قطع لأن العبد في نفسه مسروق يتعلق به القطع ثم بنى الإمام على هذا الخلاف خلافاً حكاه في أن المستقل إذا حمله حامل هل يدخل ما عليه من الثياب تحت يد الحامل قال والقول بدخولها بعيد وهو في الحر القوي أبعد منه في الضعيف وحيث لا تثبت يد الحامل على الثياب فلا سرقة وحيث أثبتنا يده والمحمول قوي ففي السرقة وجهان والمذهب أنه لا تثبت السرقة وأن ما مع الحر لا يدخل في يد الحامل لأن يد المحمول ثابتة على ما معه ولهذا نقول ما يوجد مع اللقيط يحكم بأنه في يده‏.‏

فرع لو سرق حلياً من عنق صبي أو سرق ثيابه قطع وفي الموضع الذي يكون العبد الصغير محرزاً ولو سرق قلادة من عنق كلب أو سرقها مع الكلب قطع وحرز الكلب كحرز الدواب‏.‏

الطرف الثالث في المحل المنقول إليه فلا قطع بنقل المتاع من بعض زوايا الحرز إلى بعضها ولو نقل من بيت إلى صحن الدار نظر إن كان باب البيت مغلقاً وباب الدار مفتوحاً قطع لأنه أخرجه من حرزه وجعله في محل الضياع وإن كان باب البيت مفتوحاً وباب الدار مغلقاً فلا قطع وإن كان البابان مغلقين فلا قطع على الأصح المنصوص وقيل يقطع وقيل إن كان الصحن حرزاً لم يقطع وإلا فيقطع وإن كان باب البيت والدار مفتوحين فالمال ضائع إذا لم يكن محرزاً باللحاظ فلا قطع وهذه الصور الأربع ظاهرة التصوير إذا لم يوجد من السارق تصرف في باب الدار بأن تسور الجدار ودخل أما إذا فتح باب الدار المغلق ثم أخرج المتاع من البيت إلى الصحن فالحرز الذي يهتكه السارق في حكم الحرز الدائم بالنسبة إليه فيكون كما لو نقل إلى الصحن وباب الدار مغلق هذا ما رآه الإمام أصح فإن أغلق الباب بعد فتحه فهو أظهر وجميع ما ذكرنا في دار هي وبيوتها لواحد فلو سكنها جماعة وانفرد كل واحد بحجرة أو بيت وفي معناها الخانات والمدارس والرباط فهو في حق من لا يسكن الخان كدار يختص بها واحد حتى إذا سرق من حجرها أو صحنها ما يحرزه الصحن وأخرج من الخان قطع وإن أخرج من البيوت والحجر إلى صحن الخان فوجهان أحدهما يقطع بكل حال لأن الصحن ليس حرزاً لصاحب البيت بل هو مشترك بين السكان كالسكة المشتركة بين أهلها وبهذا قطع صاحب المهذب وجماعة والثاني وبه قطع الغزالي والبغوي وغيرهما أنه كالإخراج من بيوت الدار إلى صحنها فيفرق بين أن يكون باب الخان مفتوحاً أو مغلقاً ويقرب من هذا ما حكي عن الشيخ أبي محمد أنه إن كان نهاراً قطع وإن كان ليلاً فلا لأن الباب يكون مغلقاً وأما إذا سرق أحد السكان فإن سرق من العرصة فلا قطع لأنها مشتركة وما فيها غير محرز عنهم قال الإمام هذا إذا كان فتح الباب هيناً على من يخرج منها بأن كان موثقاً بسلاسل ونحوها أما إذا كان موثقاً بالمغاليق وله مفتاح بيد حارس وكان يحتاج مخرج المتاع إلى معاناة وما يحتاج إليه من يحاول الدخول من خارج ففيه تردد وإن أخرجه من بعض البيوت إلى الصحن وكان باب البيت مغلقاً والصحن في حق السكان كسكة منسدة بالإضافة إلى الدور ولا فرق بين أن يكون باب الخان مفتوحاً أو مغلقاً كما لو كان على السكة باب لا فرق بين أن يكون مغلقاً أو مفتوحاً‏.‏

فرع سرق الضيف مال المضيف من موضع محرز عنه قطع وإن سرقه من غير محرز عنه لم يقطع ولو سرق جار من طرف حانوت جاره حيث يحرز بلحاظ الجيران فلا قطع لأنه محرز به لا عنه‏.‏

فرع دخل رجل الحمام مغتسلا فسرق لم يقطع فإن دخل سارقاً وهناك حافظ الحمامي أو غيره قطع فإن كان نائماً أو معرضاً أو لم يكن أحد فلا قطع قال البغوي وغيره إنما يقطع بسرقة ثوب من دخل الحمام إذا استحفظ الحمامي فحفظه فإن لم يستحفظه فلا ضمان على الحمامي بترك فرع أذن صاحب الدكان للناس في دخوله للشراء فمن دخل مشترياً وسرق لم يقطع ومن دخل سارقاً قطع وإن لم يأذن في دخوله قطع كل داخل‏.‏

 الركن الثالث السارق

وشرطه التكليف والاختيار والالتزام فلا قطع على صبي ومجنون ومكره وحربي وفي السكران الخلاف السابق في الطلاق وغيره ويقطع المسلم والذمي بسرقة مال المسلم والذمي وكذا يحد الذمي إذا زنى ثم في التهذيب وغيره أنا إذا ألزمنا حاكمها الحكم بينهم أقام عليه الحد وقطعه وإن لم يرض وإن لم يلزمه الحكم لم يحده ولم يقطعه إلا برضاه سواء من مسلم أو ذمي وإن كان يجب الحكم بين المسلم والذمي بلا خلاف لأن القطع حق الله تعالى لا حق المسروق منه وأشار الإمام إلى الجزم بأنه قطع إذا سرق مال مسلم ولا يتوقف على رضاه وذكر أنه إذا سرق مال ذمي لم يقطع حتى يترافعوا إلينا ويجيء القولان في إجبار الممتنع إذا جاءنا الخصم قال ولو زنى بمسلمة ففي كلام بعض الأصحاب أن الحد على القولين قال الإمام هذا غلط والصواب الجزم بإقامة الحد قهراً وإن كان ذلك لله تعالى لأنا لو فوضنا الأمر إلى رضاه لجر ذلك فضيحة عظيمة وغايتنا أن نحكم بنقض العهد وإذا طلب تجديده وجب التجديد وكيف قدر الخلاف فالمذهب أنه لا يشترط رضاه على الإطلاق كما سبق في بابي الزنى والنكاح وأما المعاهد ومن دخل بأمان ففيه أقوال أظهرها عند الأصحاب وهو نصه في أكثر كتبه لا يقطع لأنه لم يلتزم فأشبه الحربي والثاني يقطع كالذمي وكحد القذف والقصاص والثالث وهو حسن إن شرط عليه في العهد قطعه إن سرق قطع وإلا فلا ومنهم من اكتفى على هذا القول بأن يشرط عليه أن لا يسرق ومنهم من قطع بالتفصيل ومنهم من قطع بنفي القطع ولا خلاف أنه يسترد المسروق أو بدله إن تلف ولو سرق مسلم مال معاهد قال الإمام التفصيل فيه كالتفصيل في معاهد سرق مال مسلم ولو زنى معاهد بمسلمة فطريقان أحدهما أن في حد الزنى الخلاف كالقطع والثاني الجزم بأن لا حد لأنه محض حق الله تعالى لا يتعلق بخصومة آدمي وطلبه وهذا موافق لنقل العراقيين والبغوي وفي انتقاض عهد المعاهد بالسرقة أوجه ثالثها إن شرط أن لا يسرق انتقض وإلا فلا‏.‏

فرع سواء في وجوب القطع الرجل والمرأة والعبد الآبق وغيره‏.‏

 الباب الثاني فيما تثبت به السرقة

أحدها اليمين المردودة فإذا ادعى عليه سرقة توجب القطع فأنكر وحلف فلا شيء عليه وإن نكل ردت اليمين على المدعي فإذا حلف وجب المال والقطع هكذا نقله الإمام عن الأصحاب وكذا ذكره الغزالي وإبراهيم المروذي لأن اليمين المردودة كالإقرار وكالبينة وكلاهما يوجب القطع والذي ذكره صاحبا الشامل والبيان وغيرهما أنه لا يثبت بها القطع لأنه حق الله تعالى فأشبه ما لو قال أكره أمتي على الزنى فحلف المدعي بعد نكول المدعي عليه يثبت المهر دون حد الزنى‏.‏

قلت صحح الرافعي في المحرر الأول والله أعلم‏.‏

الحجة الثانية الإقرار فإذا أقر بسرقة توجب القطع أجري عليه حكمها ولا يشترط تكرير الإقرار فلو أقر ثم رجع فالمذهب أنه لا يقبل في المال وأنه يقبل في سقوط القطع فلو رجع بعد قطع بعض اليد سقط الباقي فإن كان يرجى برؤه فذاك وإلا فللمقطوع قطع الباقي لئلا يتأذى به ولا يلزم الإمام ذلك ولو أقر اثنان بسرقة نصابين ثم رجع أحدهما سقط القطع دون الآخر والرجوع عن الإقرار بقطع الطريق كالرجوع عن الإقرار بالسرقة ولو أقر بإكراه أمة على الزنى ثم رجع فالمذهب سقوط الحد دون المهر‏.‏

فرع إذا أقر ابتداء من غير تقدم دعوى بأنه سرق من زيد الغائب سرقة توجب القطع فهل يقطع في الحال أم ينتظر حضور زيد ومطالبته وجهان أصحهما الثاني لأنه ربما حضر وأقر أنه كان أباحه المال فيسقط الحد وإن كذبه السارق والحد يسقط بالشبهة فتأخيره أولى ولو بإكراه جارية غائب على الزنى فوجهان أصحهما يحد للزنى ولا يؤخر لأنه لا يتوقف على طلبه ولو حضر وقال كنت أبحتها له لم يسقط الحد وقال ابن سريج يؤخر لاحتمال أنه يقر بأنه وقف عليه تلك الجارية قال الإمام وعلى الأول لو قال المالك كنت بعتها أو وهبتها وأنكر المقر ينبغي أن لا يسقط الحد وعلى قياسه ينبغي أن لا يسقط الحد إذا أقر بوقف الجارية وكذبه المقر‏.‏

قلت ليس الوقف كالبيع فإنه يصح بلا قبول على المختار والله أعلم‏.‏

وإذا قلنا لا يقطع حتى يحضر الغائب فهل يحبس فيه أوجه أحدها نعم كمن أقر بقصاص لغائب أو صبي والثاني إن قصرت المسافة وتوقع قدومه على قرب حبس وإلا فلا والثالث إن كانت العين تالفة حبس للغرم وإن كانت باقية أخذت منه ثم يفرق بين طول المسافة وقصرها ولو أقر بغصب مال غائب لم يحبس لأن الحكام لا مطالبة له بمال الغائب‏.‏

فرع لو أقر عبد بسرقة موجبة للقطع قطع وفي قبوله في المال أقوال أظهرها لا يقبل والثاني يقبل والثالث إن كان المال في يده قبل وإن تلف فلا والرابع عكسه هذا إذا كان المال في يده أما إذا كان في يد السيد أو أجنبي فلا يقبل إقراره فيه بلا خلاف ولو أقر بسرقة دون النصاب لم يقبل بلا خلاف إلا أن يصدقه سيده‏.‏

فرع متى رفع إلى مجلس القضاء واتهم بما يوجب عقوبة لله تعالى فللقاضي أن يعرض له بالإنكار ويحمله عليه فلو أقر بذلك ابتداء أو بعد الدعوى فهل يعرض له بالرجوع فيه أوجه الصحيح الذي قطع به عامة الأصحاب نعم للحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لماعز رضي الله عنه بعد إقراره بالزنى ‏"‏ لعلك قبلت ‏"‏ والثاني لا ونقله الإمام عن الجمهور وليس كما قال والثالث إن لم يكن عالماً بجواز الرجوع عرض له وإلا فلا فعلى الأول هل يستحب للقاضي التعريض وجهان أحدهما نعم للحديث وأصحهما لا لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك التعريض في أكثر الأوقات والتعريض في الزنى لعلك فأخذت أو لمست أو قبلت وفي شرب الخمر لعلك لم تعلم أن ما شربته مسكر وفي السرقة لعلك غصبت أو أخذت بإذن المالك أو من غير حرز ونحوها ولا يحمله القاضي على الرجوع تصريحاً بأن يقول ارجع عن الإقرار أو اجحده وإذا ثبت الحد بالبينة لا يحمله على الإنكار وأما حقوق الآدمي فلا يعرض له بالرجوع عن الإقرار بها حتى لا يعرض في السرقة بما يسقط الغرم إنما يسعى في دفع القطع وهل للحاكم أن يعرض للشهود بالتوقف في حدود الله تعالى وجهان‏.‏

قلت أصحهما نعم إن رأى المصلحة في الستر وإلا فلا والله أعلم‏.‏

فرع قال الإمام في الحديث من أتى شيئاً من هذه القاذورات فليستتر بستر الله هذا دليل على أنه لا يجب على من قارف موجب حد إظهاره للإمام قال وكان شيخي يقطع به وفيه احتمال إذا قلنا الحد لا يسقط بالتوبة‏.‏

قلت الصواب الجزم بأنه لا يجب الإظهار لقصة ماعز وإنما لا يسقط الحد بالتوبة على قول في ظاهر الحكم وأما فيما بينه وبين الله تعالى فالتوبة تسقط أثر المعصية والله أعلم‏.‏

الحجة الثالثة الشهادة فيثبت القطع بشهادة رجلين ولا يثبت برجل وامرأتين فلو شهد رجل وامرأتان بالسرقة أو شاهد وحلف المدعي معه ثبت المال ولا يثبت القطع كما لو علق الطلاق أو العتق على غصب أو سرقة فشهد رجل وامرأتان على الغصب أو السرقة ثبت المال دون الطلاق والعتق وقيل في ثبوت المال في السرقة قولان والمذهب الأول ولا تقبل في السرقة شهادة مطلقة لاختلاف المذاهب فيها فيشترط بيان السارق بالإشارة إليه إن كان حاضراً أو ذكر اسمه ونسبه بحيث يتميز إن كان غائباً ويكفي عند حضوره أن يقول سرق هذا وحكى ابن كج وجهاً أنه يشترط أن يقول هذا بعينه وليس بشيء ويشترط أن يبين المسروق والمسروق منه وكون السرقة من حرز بتعيين الحرز أو صفته وعن القاضي أبي الطيب وغيره أن الشاهد يقول أيضاً ولا أعلم له فيه شبهة قال صاحب الشامل وليكن هذا تأكيداً لأن الأصل عدم الشبهة ويشترط أن تتفق شهادة الشاهدين فلو شهد أحدهما أنه سرق بكرة والآخر أنه سرق عشية أو أحدهما بسرقة كبش أبيض والآخر بكبش أسود فهما شهادتان على سرقتين مختلفتين فلا قطع وللمشهود له أن يحلف مع أحدهما فيغرمه ولو شهد اثنان أنه سرق كذا غدوة وشهد آخران أنه سرق عشية فالبينتان متعارضتان فلا يحكم بواحدة منهما وفي الصورة الأولى لا يقال متعارضتان لأن الحجة لم تتم فلو لم تتوارد الشهادتان على معين بل قال بعضهم سرق كبشاً غداة وقال بعضهم سرق كبشاً عشية فإن كان الذي شهد واحداً وواحداً فلا قطع وللمشهود له أن يحلف مع أحدهما ويأخذ الغرم أو معهما ويأخذ غرم ما شهدا به جميعاً وإن شهد اثنان واثنان وجب القطع وغرم ما شهد به هذان وهذان لكمال الحجتين ولو شهد واحد بسرقة كبش وآخر بسرقة كبشين ثبت الواحد وتعلق به القطع إن بلغ نصاباً ولو شهد واحد بسرقة ثوب قيمته ربع دينار وشهد آخر بسرقة ذلك الثوب وقومه بثمن دينار لم يقطع ويغرم ثمن دينار وللمشهود له أن يحلف مع شاهد الربع ويستحقه ولو شهد اثنان بسرقته وقالا قيمته ربع وشهد آخران بسرقته وقالا قيمته ثمن لم يقطع وللمشهود له الثمن ولو شهد أحدهما بسرقة ثوب أبيض قيمته ربع والآخر بسرقة ثوب أسود قيمته ثمن فلا قطع ولا يثبت بهما شيء لاختلافهما وله أن يحلف مع أحدهما وإن شهد اثنان واثنان تمت الشهادتان فيقطع ويغرم الربع والثمن معاً‏.‏

فرع كما يشترط التفصيل في الشهادة بالسرقة يشترط في الإقرار بها فلا قطع على من أقر بالسرقة مطلقاً لأنه قد يظن غير السرقة سرقة واسم السرقة يقع على ما يقطع به وعلى غيره وفي الشهادة على الزنى يشترط التفصيل وكذا في الإقرار به على الأصح‏.‏

فرع الشهادة بالسرقة إن ترتبت على دعوى المسروق منه أو وكيله فذاك وإن شهد الشهود على سبيل الحسبة فهل تقبل شهادتهم وجهان أصحهما نعم فعلى هذا إن كان المسروق منه غائباً فالنص أنه لا يقطع حتى يحضر الغائب ونص فيما لو شهد أربعة بالزنى بجارية غائب أنه يحد ولا ينتظر حضور الغائب فقيل قولان فيهما وقيل ينتظر المالك في الصورتين وغلطوا ناقل نص الزنى أو تأولوه والمذهب تقرير النصين والفرق أن حد الزنى لا يسقط بإباحة الوطء وحد السرقة يسقط بإباحة المال فربما كان الغائب أباحه فانتظر اعترافه ولأن القطع متعلق حق الآدمي فإنه شرع حفظاً لماله فاشترط حضوره فإن قلنا لا يقطع ولا يحد في الحال فهل يحبس فيه الخلاف السابق فيمن أقر بسرقة مال غائب أو بالزنى بجارية غائب وأشار الإمام إلى أن الظاهر عند الأصحاب أنه يحبس لما يتعلق به من حق الله تعالى وإذا لم يقطع حتى حضر المالك فإن لم يطلب المال أو اعترف بما يسقط القطع فلا قطع وإن طلب ولم تظهر شبهة فإن قلنا شهادة الحسبة مقبولة قطع وهل تجب إعادة الشهادة لثبوت المال وجهان أصحهما نعم لأن شهادة الحسبة لا تقبل في الأموال والثاني لا ويثبت الغرم تبعاً وإن قلنا غير مقبولة فلا بد من إعادة البينة للمال والأصح أنها لا تعاد للقطع‏.‏

فرع سرق مال صبي أو مجنون قال ابن كج إن انتظرنا حضور الغائب واعتبرنا طلبه انتظر بلوغه وإفاقته وإلا قطعناه في الحال‏.‏

فرع إذا قلنا يسقط الحد بدعوى الملك فهل يستفصله القاضي سعياً في سقوط الحد فيه تردد للإمام‏.‏

قلت الأصح لا يستفصله لأنه إغراء له بادعاء الباطل والله أعلم‏.‏

 الباب الثالث في الواجب على السارق

وهو شيئان أحدهما رد المال إن كان باقياً وضمانه إن تلف سواء في ذلك الغني والفقير‏.‏

الثاني القطع فتقطع من السارق والسارقة يده اليمنى فإن سرق ثانياً قطعت رجله اليسرى فإن سرق ثالثاً قطعت يده اليسرى فإن سرق رابعاً قطعت رجله اليمنى فإن سرق بعد ذلك عزر ونقل الإمام عن القديم قولاً أنه يقتل للحديث والمشهور التعزير والحديث منسوخ أو مؤول على أنه قتله لاستحلاله أو لسبب آخر وتقطع اليد من الكوع والرجل من المفصل بين الساق والقدم ويمد العضو مداً عنيفاً حتى ينخلع ثم يقطع بحديدة ماضية ويمكن المقطوع جالساً ويضبط لئلا يتحرك ويحسم موضع القطع بأن يغمس في زيت أو دهن مغلي لتنسد أفواه العروق وينقطع الدم وهل هذا حق لله تعالى وتتمة للحد أم هو حق للمقطوع ونظر له وجهان أصحهما الثاني فعلى الأول يتركه الإمام ويكون ثمن الدهن ومؤنة الحسم على الخلاف في مؤنة الجلاد وإن قلنا بالأصح فالمؤنة على المقطوع ولو تركه السلطان فلا شيء عليه وحينئذ يستحب للسارق أن يحسم ولا يجب لأن في الحسم ألماً شديداً وقد يهلك الضعيف والمداواة بمثل هذا لا تجب بحال وقيل للإمام إجباره والصحيح الأول ويستحب للإمام أن يأمر بالحسم عقب القطع ولا يفعله إلا بإذن السارق إلا على قول من أجبره والسنة أن تعلق اليد المقطوعة في عنقه ثم الذي يوجد في كتب الجمهور أنها تعلق ساعة وأطلقوا ولم يفوضوه إلى رأي الإمام وحكى الإمام وجهاً أنها لا تعلق ووجهاً تعلق ثلاثاً ووجهاً الأمر فيه إلى رأي الإمام وهذه الأوجه غريبة ضعيفة‏.‏

فرع لو كان على يمينه إصبع زائدة فوجهان أحدهما لا تقطع بل تقطع رجله اليسرى وأصحهما تقطع ولا يبالي بالزيادة لأن المراد التنكيل بخلاف القصاص فإن مقصوده المساواة ولو كانت اليمين شلاء فإن قال أهل الخبرة إن قطعت لا ينقطع الدم لم تقطع ويكون كمن لا يمين له وإن قالوا ينقطع قطعت واكتفي بها ولو كانت ناقصة أربع أصابع اكتفينا بها لحصول الإيلام والتنكيل وإن لم يبق إلا الكف أو بعض الكف بلا أصابع ففي الاكتفاء بذلك وجهان أو قولان أصحهما الاكتفاء لما ذكرنا وطرد القاضي أبو حامد الوجهين فيما لو كانت يمينه بلا إبهام‏.‏

فرع من لا يمين له تقطع رجله اليسرى كما ذكرنا ولو سرق ويمينه سليمة فسقطت بآفة أو جناية سقط عنه القطع وقيل يعدل إلى الرجل كما لو فات محل القصاص يعدل إلى بدله وهو الدية والصحيح الأول لأن القطع تعلق بها ولو سرق مراراً ولم يقطع اكتفي بقطع يمينه عن الجميع كمن زنى أو شرب مرات يلزمه حد واحد‏.‏

فرع بدر أجنبي فقطع يمين السارق بغير إذن الإمام لا قصاص عليه لأنها مستحقة القطع فلو سرى إلى النفس فلا ضمان لأنها متولدة من مستحق لكن يعزر المبادر لإفتائه على الإمام هكذا أطلقوه و يشبه أن يجعل وجوب القصاص على الخلاف في قتل الزاني المحصن و لو قطع يساره جان أو قطعها الجلاد عمدا وجب القصاص على القاطع و لا يسقط عن السارق قطع اليمين فلو قال القاطع لم أعلم أنها يساره حلف و لزمته الدية و لو قال الجلاد للسارق اخرج يمينك فأخرج يساره فقطعها فطريقان قال القاضي أبو الطيب وآخرون إن قال المخرج ظننتها اليمين أو أن اليسار تجزئ سقط بها القطع على الأظهر فإن قلنا لا يسقط فقال القاطع علمت أنها اليسار و أنها لا تجزئ لزمه القصاص وإن قلنا ظننتها اليمين أو أنها تجزئ لزمه الدية و قال الشيخ أبو حامد يراجع القاطع أولا فإن قال علمتها اليسار وأنها لا تجزئ لزمه القصاص و بقي القاطع واجبا في اليمين وإن قال ظننتها اليمين أو أن اليسار تجزئ لزمه الدية وفي سقوط قطع اليمين القولان وكلام الإمام و غيره يوافق هذا الطريق إلا أن القصاص إنما يلزم القاطع و إن علم الحال إذا لم يوجد من المخرج قصد بذل و إباحة و لو سقطت يسار السارق بآفة بعد وجوب قطع اليمين فقال أبو إسحاق يسقط قطع اليمين في قول كما في مسألة غلط الجلاد وغلطه الأصحاب وقالوا لا يسقط‏.‏

فرع لو كان لمعصمه كفان نقل الإمام عن الأصحاب أنهما تقطعاًن ولا يبالي بالزيادة كالإصبع الزائدة واختار هو أن يفصل فإن تميزت الأصلية وأمكن الاقتصار على قطعها لم تقطع الزائدة وإلا فتقطع فلو أشكل الحال قال الإمام فالذي رأيته للأصحاب أنهما يقطعان ويوافقه ما في فتاوى القفال أن الكفين الباطشتين تقطعان جميعاً لأنهما في حكم يد ولهذا لا تجب فيهما ديتان لكن في التهذيب أنه تقطع في السرقة أحدهما فإن سرق ثانياً قطعت الأخرى ولا تقطعان بسرقة واحدة بخلاف الإصبع الزائدة لأنه لا يقع عليها اسم يد وهذا أحسن قال ولو كان يبطش بأحدهما قطعت الباطشة دون الأخرى وإن سرق ثانياً قطعت رجله فلو صارت الأخرى باطشة فسرق ثانياً قطعت هي لا الرجل فإن سرق ثالثاً قطعت الرجل‏.‏

قلت الصحيح المنصوص أنه لا يقطع إلا أحدهما كما ذكره في التهذيب وقد جزم به جماعة منهم القاضي أبو الطيب وصاحب البحر والشيخ نصر المقدسي وغيرهم ونقله القاضي والمقدسي عن نص الشافعي رحمه الله وقد أوضحته في صفة الوضوء من شرح المهذب والله أعلم‏.‏

 فصل في مسائل منثورة

في فتاوى القفال إذا كان ثوبه بين يديه في المسجد فقال لرجل احفظ ثوبي فقال نعم أحفظه فرقد صاحب الثوب وذهب الرجل وترك الثوب فسرق لزمه الضمان ولو سرقه المستحفظ فلا قطع عليه ولو أغلق باب داره أو حانوته وقال للحارس انظر إليه أو احفظه فأهمله الحارس فسرق ما فيه لم يضمن لأنه محرز في نفسه ولم يدخل تحت يده ولو سرقه الحارس قطع وفي فتاوى الغزالي إذا تغفل السارق الحمامي وسرق الثياب اعتبر في وجوب القطع أن يخرجها من الحمام وأن الموضوع في الصحراء لا يكفي لوجوب القطع أخذه ولا النقل بخطوة ونحوها بل ضبط مثل ذلك أن يقال إحراز مثله بالمعاينة فإذا غيبه عن عينه بحيث لو تنبه له لم يره بأن دفنه في تراب أو واراه تحت ثوبه أو حال بينهما جدار فقد أخرجه من حرزه وأنه لو علم قرداً النزول إلى الدار وإخراج المتاع فنقب وأرسل القرد وأخرج المتاع ينبغي أن لا يقطع لأن للحيوان اختياراً بخلاف الأخذ بالمحجن وفي فتاوى البغوي لو وضع ميت على وجه الأرض ونضدت الحجارة عليه كان ذلك كالدفن حتى يجب القطع بسرقة الكفن لا سيما إذا كان لا يمكنهم الحفر‏.‏

قلت ينبغي أن لا يقطع إلا إن تعذر الحفر لأنه ليس بدفن والله أعلم‏.‏

وأنهم لو كانوا في بحر فطرح الميت في الماء فأخذ رجل كفنه لم يقطع لأنه ظاهر فهو كما لو وضع الميت على شفير القبر فأخذ ولو غيبه الماء فغاص سارق وأخذ الكفن لم يقطع أيضاً لأن طرحه لا يعد إحرازاً وقد يتوقف في هذا وبالله التوفيق‏.‏